العلاقة الأسرية ليست بحرب |زاد البّر |اليوم التاسع
يشغل بالي هل يتحمل كلمتا الآباء والأبناء تضادًا في هذه الاونة الأخيرة؟
وما الذي قد يحدث هذا!
إن تحدثنا من حيث الترتيب الزمني، فالآباء -بالطبع- يسبقون الأبناء وجودًا، وليس هناك قاعدة تؤكد على أن السبق يعني التضاد.
إذن، هل التضاد موجود حقًا أم هو حقيقة وجوده تراه تحملُ تبريرًا لأي سوء تعامل قد ينشب بين الوالد وولده؟
الأصل في العلاقات البر، خاصةً إن كانت علاقة موصى بها من فوق السماوات السبع، فسوء العلاقة لا ينشأ بالترتيب الزمني وإنما بما حدث فيه وأثر على كليهما سلبًا، مع عوامل أخرى كالدائرة المحيطة وتربية النفس والنصيب الديني الصائب.
أكرر دائمًا، أن أي خطاب موجه للوالد دون الولدِ أو للولدِ دون الوالدِ هو خطاب مائل لا مستقيم، في زمن يجب على الأبوين فيه أولًا تعلم الأبوة الحقّة لا اكتسابها، وعليهم أيضًا تعليم أبنائهم البر وبعض العلم للسير في تعليم النفس الإحسان إليهما، ومن قبلها السوية النفسية كإنسان مسلم، حيث إن بداية طريق العلم لدى الإنسان هو والديه ومن ثم الإستقامة أو الميل -عياذًا بالله- وهو السائد حسبما أرى.
قد يحسن الإنسان تربية ولده، ويبذل في ذلك كل ما يملك، بل قد يكون العمل الذي يرجو به عند الله الجزاء الحسن، ثم لا تثمر شجرته، بل تيبس وتتفرع ولا يصلحها تشذيب ولا سماد، أو على الطرف الآخر نجد ولد هُذب ما بنفسه ما هَذب، وتعلم سُبل البر ولا يجد غير سوء المعاملة وقسوة القلوب.
عقوق الأبناء معروف، وعقوق الآباء يدخل فيه الرأس المتحجر، الواقف عند تجربته البائسة في طفولته، وهذا قدر لا يسع الولد تفاديه، حيث قد يتعرض أحدنا قدرًا "لعطب الطفولة" وما بعدها وأعني بها عقوق الوالدين، لكن ما يلزم حينها طلب المداواة متى أدركنا ووعينا ما أصابنا من ضرر وهذا الأمر يطول فيه الحديث بيد أن أقربها مراجعة طبيب نفسي، أو اختيار المصدر الخاطئ يتلقى منه طرق تربية أولاده، أو معتقدات ينشئها هو من تلقاء ذاته.
يقول الباشمهندس أيمن
عبدالرحيم في إحدى محاضراته:
"المسلم متى استدرك فهو يستدرك عند كريم."
فلو أنزلنا هذه العبارة محل حديثنا نعي أن لا بأس إن أصابك العقوق ولد أم والد إن استدركت هذا وتُب إلى الكريمِ، والبر يتطلب الصبر كسائر العبادات، ومتى سقطت في وحل العقوق قم، وطهر نفسك من أثره، وواصل سيرك في طريق البر.
أكثر ما يعين المرء على البر هو طلب العلم وعدم الركونِ للرأس المتحجر الذي لا ينفتح على علم جديد، ومداواة الأسقام القديمة.
سلام.
"هبة عابدين"
♥️♥️♥️♥️
ردحذف