القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الأخبار

مصدر الإلهام|مقال لميس مجدي|حملة واعي|اليوم التاسع.


مصدر الإلهام|مقال لميس مجدي|حملة واعي|اليوم التاسع. 

 منذ الولادة يكون الأهل مصدر إلهام لأبنائهم فيرشدوهم ويساعدوهم على فهم العالم من حولهم، لذلك عليكِ أن تكوني حريصة على تربية أبنائكِ تربية سليمة ليكونوا أفرادًا فاعلين في المجتمع، فتفاعلكِ مع أطفالكِ تكسبهم المهارات العاطفية والمعرفية والاجتماعية، وعلاقتكِ معهم في الصغر تعمل كنقطة مرجعية لجميع العلاقات المستقبلية، وتؤثر أيضًا على قدرتهم في حل المشكلات، ومهارات التأقلم مع المجتمع، ونحن نعلم أن التربية الإيجابية يُمكن أن تُساعد طفلكِ في نموالدماغ صحيًّا، فقد وجد الباحثون أن كيفية تربية الأطفال يُفسّر 40% من سلوك الأطفال في سن الرابعة، والحساسية الأمومية تُفسّر ثلث الفجوات التي تحدث عند تعلم الرياضيات والمهارات اللغوية في بداية رياض الأطفال، مثلًا سوف تكتشف طفلتكِ الصغيرة التي تشعر بالأمان داخل بيتها اللغة بسهولة أكبر، وتتعلم كيفية التعبيرعن العواطف وتكون أكثر استعدادًا للتعلم فتكبرُ وتُصبح فردًا يتمتع بأعلى درجات الإنجاز، من ناحية أخرى إذا كان الطفل معرضًا لبيئة منزلية مرهقة وفيها العديد من المشاكل، ولا ينال هذا الطفل الرعاية اللازمة ولا يستجيب الأهل لاحتياجاته، فإن هذا الطفل سيفتقر إلى الدعم العاطفي والبدني الأساسي اللازم لتعزيز نموه الكامل، فعندما تتحدثين كثيرًا لأطفالكِ وتعطيهم الرعاية اللازمة وتنصتين لهم عندما يتحدثون وتستجيبين لهم بطريقة داعمة، بذلك تُعدّيهم وتُربّيهم ليكونوا ناجحين بشكل أكبر في المستقبل

يمثِّل الوالدان الأساسَ الرئيسيَّ في تشكيل وتكوين شخصيات أبنائهم منذ الصغر؛ لذا تؤثر عليهم طريقة التربية بشكل كبير، ولهذا السبب كان الارتباط وثيقًا بين شخصية الآباء وشخصيات وسلوكيات الأبناء؛ فطريقة تربية الآباء لأبنائهم من أهم العوامل التي تؤثر سلبًا أو إيجابًا على شخصياتهم ونفسيتهم في المستقبل.

فالآباء الذين ينتهجون القسوة في التربية يُعَدُّون من أكثر الآباء الذين يؤثرون سلبًا على أبنائهم، فالقسوة من أسوأ الأساليب غير التربوية مع الأبناء، ويعتقد الآباء والأمهات الذين يلجؤون إلى القسوة أنهم بذلك حريصون على تربية أبنائهم وتأديبهم، وهذه ليست قسوة وإنما هو الخوف على الأبناء من الانحراف والسلوكيات غير السوية، ولا شك أن هذا الفهمَ خاطئٌ، فالقسوة منهجٌ معوَجٌّ في التربية بشكل عام، لا سيما إذا كانت هذه القسوة في سِنٍّ مبكرة، فتتشكَّل الشخصية مُحمَّلة بكثير من الآلام والعُقَد النفسية، فهؤلاء الآباء بهذا السلوك الذي لا يُقِرُّه شرعٌ ولا عُرف يتسبَّبون في تشويه شخصيات الأبناء واضطراب نفسياتهم.

والقسوة لها أشكال متعددة أبرزها العقاب الجسدي بالضرب وذلك لأقل خطأ دون توجيه أو نقاش أو إعطاء فرصة للتعلم من الأخطاء.

ومن القسوة الإيذاء النفسي بالإهانة والشتم والسب خاصَّة أمام الآخرين.

ومنها المقارنة بينهم وبين الآخرين بشكل فيه تقليل من شأنهم واتهامهم بالغباء والفشل، وغيرها من الأساليب التي تمارس العنف في التربية والتي تؤدي إلى انعكاسات سلبية على الأبناء:

أولها: بثُّ روح الكراهية في نفوس الأبناء تجاه الوالدين، وعدم الشعور بالأمان أو الاطمئنان داخل محيط الأسرة والشعور الدائم بالنقص والاحتياج، وكذلك يميلون إلى القسوة مع الآخرين، وتتسم شخصياتهم بالفَظاظة والأنانية، وهذا انعكاس طبيعي لشخصية تربَّت على القسوة.

ثانيًا: عدم قدرة الأبناء على دفع الأذى الناتج من قسوة الآباء يجعل شخصياتهم مهزوزة، فاقدين الثقة بأنفسهم فيشعرون بالانكسار والضعف وأنهم ليسوا جديرين بالاحترام.

ومن أهم آثار وعواقب التربية القاسية هي اكتساب الأبناء عدوانيةً مفرطةً تجاه بعضهم البعض وتجاه الآخرين، فقد أشارت الدراسات مؤخرًا إلى أن الأبناء الذين تعرَّضوا للضرب والقسوة من الآباء هم أكثر الأشخاص عُرضةً للانحراف السلوكي، إما بالتدخين أو تعاطي المخدرات أو الانحراف في طريق الجريمة والعدوان في الحياة عندما يصبحون بالغين.

ثالثًا: تؤدي العقوبات القاسية التي يوقعها الآباء على الأبناء إلى تعوُّد الكذب مخافةَ العقاب، وكذلك الشعور الدائم بفقدان الاحترام للذات.

إن قسوة الوالدين أحد أهم أسباب العقوق في المستقبل وكل هذه الآثار السلبية وغيرها الكثير مما تنتجه وتفرزه القسوة على الأبناء، فكيف ينتظر الوالدان البر من الأبناء إذا كان هذا نهجهم في التربية؟!.

فهذه المعاناة التي تلازمهم منذ الطفولة وإلى نهاية العمر يصعب علاجها بشكل كبير.

◄ رسالة:

فرسالتي إلى الآباء والأمهات لتكون معاييرُ التربية لدينا مُستوحاةً من شريعتنا الغرَّاء التي طالما تحثُّنا على التقدير والرفق والحلم والرحمة بفلذات الأكباد، فهم زينةُ الحياة وبهجتُها وأملنا بعد الله في رفع الدرجات بعد الممات، نريد أن نُخرِج جيلًا بلا رواسب سلبية، ولا عُقَد نفسية حتى يستطيعوا الحياة بيُسر وبساطة، ويكون لديهم إقبالٌ على التفوُّق وإثبات الذات والشعور بالفخر والاعتزاز للوالدين على تضحيتهم من أجل إسعاد الأبناء في مشوار العمر.

◄ دعاء:

نسأل اللهَ تعالى أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يرزقنا الرفق والرحمة والرأفة بهم، وأن يبارك في ذرياتنا وذرياتكم ويُوفِّقنا جميعاً لتربيتهم على البر والتقوى يا رب العالمين


لميس مجدي

تعليقات